أطلق مركز القدس مؤخراً دراسة حول عدالة الأطفال في القدس، والتي سلّطت الضوء على قضية انتهاكات حقوق الأطفال في مدينة القدس، والتي تعد من القضايا الهامة التي تتطلب اهتماماً دولياً. كما تُقدم هذه الدراسة توصيات عملية يمكن العمل عليها لتعزيز حماية حقوق الأطفال في القدس الشرقية، حيث تتعرض حقوق الأطفال في المدينة للانتهاك بشكل مستمر، من قبل مؤسسات الدولة المختلفة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ضمن إطار سياسة ممنهجة. وقد حاولت هذه الدراسة القاء الضوء على هذه الانتهاكات حيث تم اعتماد المنهج الوصفي التحليلي، وذلك من خلال مراجعة الأدبيات وابراز أصوات من يتعرضون للانتهاكات مباشرة، أُسرهم، والمؤسسات التي تعمل معهم من خلال اجراء المقابلات المعمقة شبه المنظمة معهم، خصوصاً ممثلي المؤسسات القانونية والحقوقية الذين يتمترسون بالميادين في توثيق وملاحقة الانتهاكات ومحاولة اسناد الطفل وأسرته في مواجهتها.

وقد ركّزت الدراسة على التعريف بالقوانين والانتهاكات التي يتم ممارستها بشكل ممنهج بحق الأطفال في القدس مسلطة الضوء على أبرز هذه القوانين مثل قانون مكافحة إلقاء الحجارة ومشروع قانون تخفيض الأهلية، وأبرز الانتهاكات من حرمان الأطفال في حقهم بالحياة وحقهم بالحرية والحركة والتعليم من خلال ممارسة إجراءات التصفية الجسدية والاعتقال والتعذيب وحتى الإقامة الجبرية أو ما يُعرف باسم الحبس المنزلي. كما وأشارت الدراسة للأثر القانوني والنفسي الاجتماعي للانتهاكات التي تزايدت في العقد الأخير وربطت بين مختلف اشكال الانتهاكات المباشرة والغير مباشرة ضمن السياسة المتبعة في القدس وضد سكانها الأصليين.

من ناحية أخرى ركّزت الدراسة على دور المؤسسات الحقوقية والقانونية العاملة مع الأطفال في القدس حيث أشارت الى قِلة عدد المؤسسات العاملة في هذا المجال وتراجع عدد هذه المؤسسات بسبب ظروف مختلفة، إضافة لكثرة التحديات التي تعاني منها هذه المؤسسات مثل الحاجة الى عدد أكبر من القانونيين والحقوقيين الذين يمكنهم تقديم برامج التوعية والإرشاد، الدعم والمساندة القانونية للأطفال وأسرهم، تمثيل الأطفال قانونياً وتوثيق الانتهاكات بصورة شاملة، والحاجة لتوفير الحماية لهذه المؤسسات وطواقمها من ملاحقات ومضايقات المؤسسة الأمنية في القدس.

وقد قامت الدراسة بتقديم تحليل لواقع المؤسسات القانونية والحقوقية العاملة مع الأطفال في القدس وقدمت رؤيتها لنقاط القوة والضعف في البيئة الداخلية للمؤسسات، والتحديات والفُرَص في البيئة الخارجية المحيطة بالمؤسسات ليكون تحليل الواقع خطوة أساسية وحيوية في فهم وتقييم أدائها وقدراتها، والعمل على استثمار نقاط القوة فيها وانتهاز الفرص الممكنة للتطوير ومواجهة التحديات ونقاط الضعف للحد من اثارها على الخدمات المقدمة للأطفال في القدس. وقد توسّعت الدراسة باستعراض هذه النقاط للتعرف عليها والتعريف بها وان كان معالجة جميع هذه النقاط يتعدى أهداف الدراسة وقدرة الفريق البحثي.

وختمت الدراسة بتقديم اقتراحات وتوصيات للاستراتيجيات القانونية والحقوقية من أجل استنهاض كافة الامكانيات وتوحيدها وضمان أعلى نسبة من النجاح في احقاق الحقوق القانونية والحقوقية للأطفال الفلسطينيين في القدس، مع تأكيد الدراسة على أن أي استراتيجية لا تتضمن تداخل كل القطاعات فيها ستبقى استراتيجية مبتورة. وادراكاً لخصوصية الوضع في القدس ولصعوبة مهمة المؤسسات الأهلية في تنسيق العمل الحقوقي والقانوني أوصت الدراسة بالارتقاء فوق الحدود المؤسساتية، حيث سيكون من الضروري تشكيل او تفعيل ائتلاف مقدسي حقوقي قانوني ومتابعة وتقييم ادائه بشكل دوري بهدف تطوير دوره وتعديل استراتيجياته لتتوافق مع المستجدات في القدس ومتطلبات الأطفال فيها.

وقد ارتأت الدراسة في توصياتها ضرورة أن يتم العمل على مستويين رئيسيين المحلي والدولي، حيث يتم التركيز بالجزئية المحلية على تعزيز وتفعيل التشريعات والقوانين الحامية للأطفال، تطوير التدريب والتعليم القانوني والحقوقي المرتبط بحقوق الطفل والانتهاكات ضده، تنسيق العمل بين المؤسسات الفاعلة بالجزئية القانونية والحقوقية، تشكيل جسم مراقبة وتوثيق وتقديم الدعم والمساندة للأطفال وأسرهم من مساندة وتوعية.

 أما على المستوى الدولي فقد ركزت الدراسة بتوصياتها على ضرورة تعزيز حملات ضغط ومناصرة مستمرة ومتصاعدة في المحافل الدولية المختلفة بما في ذلك المحاكم الدولية والمجالس الأممية. والاستمرار في الضغط من اجل تطبيق القوانين الخاصة بحماية الأطفال وضمان حقوقهم في جميع المحافل الدولية، إضافة لتشكيل لجنة او لجان تحقيق دولية في الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال في القدس.

وقد شددت على ان حماية حقوق الأطفال تبقى واجبًا إنسانيًا اساسياً يتطلب مشاركة الجميع. آملين أن تكون هذه الدراسة خطوة نحو زيادة الوعي بأهمية هذه القضية، وتشجيع المزيد من الجهود للحفاظ على حقوق الأطفال في القدس كما اقرانهم في بقية ارجاء العالم دون تمييز على أي أساس كان.

لقراءة الدارسة كاملة، من الممكن النقر على هذا الرابط.